غض البصر
- بتاريخ : الأربعاء 20 ربيع الثاني 1446ﻫ
- مشاهدات :
غَضُّ الْبَصَرِ
الخطبة الأولى
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَيُّهَا الْـمُسْلِمُونَ: نِعْمَةٌ كَبِيرَةٌ امْتَنَّ اللَّهُ بِهَا عَلَيْنَا، وَمِنْحَةٌ جَلِيلَةٌ وَهَبَهَا الْمَوْلَى لَنَا، إِنَّهَا نِعْمَةُ الْبَصَرِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾، وَقَالَ تَعَالَى فِي مَعْرِضِ تَذْكِيرِ الْعَبْدِ بِنِعَمِهِ عَلَيْهِ: ﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ﴾؛ وَلِذَا عَظُمَ ثَوَابُ مَنِ ابْتُلِيَ بِالْعَمَى فَصَبَرَ، وَاحْتَسَبَ الْأَجْرَ فِي ذَلِكَ وَاصْطَبَرَ؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ، عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ» يُرِيدُ: عَيْنَيْهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (وَالْمُرَادُ بِالْحَبِيبَتَيْنِ: الْمَحْبُوبَتَانِ؛ لِأَنَّهُمَا أَحَبُّ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ إِلَيْهِ، لِمَا يَحْصُلُ لَهُ بِفَقْدِهِمَا مِنَ الْأَسَفِ عَلَى فَوَاتِ رُؤْيَةِ مَا يُرِيدُ رُؤْيَتَهُ مِنْ خَيْرٍ فَيُسَرُّ بِهِ، أَوْ شَرٍّ فَيَجْتَنِبُهُ).
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: لَـمَّا كَانَ الْبَصَرُ يَنْفُذُ بِأَثَرِهِ إِلَى الْقَلْبِ، وَيُؤَثِّرُ فِي صَفَاءِ الْمُهْجَةِ وَالْفُؤَادِ؛ جَاءَ الشَّرْعُ بِالْحَثِّ عَلَى غَضِّهِ عَنِ الْحَرَامِ، وَالْحَزْمِ فِي إِحْكَامِهِ وَضَبْطِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [النور:30].
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: (هَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ عَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ، فَلَا يَنْظُرُوا إِلَّا إِلَى مَا أَبَاحَ لَهُمُ النَّظَرَ إِلَيْهِ، وَأَنْ يَغُضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَنِ الْمَحَارِمِ، فَإِنِ اتَّفَقَ أَنْ وَقَعَ الْبَصَرُ عَلَى مُحَرَّمٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَلْيَصْرِفْ بَصَرَهُ عَنْهُ سَرِيعًا).
أَيُّهَا الْمُؤمنون: إِنَّ غَضَّ الْبَصَرِ يَتَأَكَّدُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَزْمَانِ، وَمَعَ هَذِهِ الْآلَاتِ الَّتِي سَهُلَتْ فِيهَا سُبُلُ النَّظَرِ الْحَرَامِ، حَتَّى بَاتَ أَمْرًا عَزِيزًا وَمَطْلَبًا جَسِيمًا، تَجْلِسُ وَحِيدًا فِي غُرْفَتِكَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ هَاتِفُكَ، أَوْ تُطِلُّ بِنَظَرِكَ عَلَى الشَّارِعِ مِنْ شُرْفَتِكَ، فَتَرَى عَوْرَةً مِنَ الْعَوْرَاتِ وَلَا يَرَاكَ إِلَّا رَبُّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، هُنَا يَتَبَيَّنُ مَحَكُّ الْإِيمَانِ وَمَرْتَبَتُكَ عِنْدَ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ؛ فَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي». وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «يَا عَلِيُّ، لَا تُتْبِـعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وهو حديثٌ حَسَنٌ.
كُلُّ الْحَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِنَ النَّظَــــرِ وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّــرَرِ
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ غَضَّ الْبَصَرِ يُورِثُ نُورًا فِي الْقَلْبِ، وَانْشِرَاحًا فِي الصَّدْرِ، وَسَعَادَةً فِي النَّفْسِ؛ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ عَنْ فَوَائِدِ غَضِّ الْبَصَرِ: (يُكْسِبُ الْقَلْبَ نُورًا، كَمَا أَنَّ إِطْلَاقَهُ يُلْبِسُهُ ظُلْمَةً)؛ وَلِهَذَا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ آيَةَ النُّورِ عُقَيْبَ الْأَمْرِ بِغَضِّ الْبَصَرِ، فَقَالَ: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ [النُّورِ:30]. ثُمَّ قَالَ إِثْرَ ذَلِكَ: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ﴾ [النُّورِ:35]. فَعَلَى قَدْرِ مَا غَضَّ الْعَبْدُ بَصَرَهُ عَنِ الْحَرَامِ بِقَدْرِ مَا نَالَ مِنْ أَشِعَّةِ النُّورِ وَالْبَهْجَةِ وَالسُّرُورِ.
وَمِمَّا يُورِثُهُ غَضُّ الْبَصَرِ قُوَّةُ الْقَلْبِ وَثَبَاتُهُ وَشَجَاعَتُهُ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ سُلْطَانَ الْبَصِيرَةِ مَعَ سُلْطَانِ الْحُجَّةِ كَمَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ-: وَمِمَّا يُورِثُهُ غَضُّ الْبَصَرِ: (الْحِكْمَةُ وَالْهِدَايَةُ وَالْفِطْنَةُ وَالْفِرَاسَةُ)، قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: (مَنْ عَمُرَ ظَاهِرُهُ بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَبَاطِنُهُ بِدَوَامِ الْمُرَاقَبَةِ، وَغَضَّ بَصَرَهُ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَكَفَّ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَأَكَلَ الْحَلَالَ لَمْ تُخْطِىءْ لَهُ فِرَاسَةٌ).
وَمِمَّا يُورِثُهُ غَضُّ الْبَصَرِ رَاحَةُ النَّفْسِ وَطُمَأْنِينَةُ الْقَلْبِ، فَالَّذِي يُطْلِقُ بَصَرَهُ قَدْ أَتْعَبَ جَوَارِحَهُ، وَأَرْهَقَ كَوَاهِلَهُ، وَأَشْغَلَ بَاطِنَهُ، وَشَوَّشَ خَاطِرَهُ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ، وَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُتَفَضِّلِ عَلَى عِبَادِهِ بِالسَّتْرِ، يَمْحُو عَنِ التَّائِبِينَ الذَّنْبَ وَالْوِزْرَ، وَيُجَنِّبُهُمْ سَبِيلَ الْإِثْمِ وَالْإِصْرِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ جَاءَ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبُدَهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ: إِنَّ الْعَبْدَ الْمُوَفَّقَ مَنْ يَتَضَرَّعُ إِلَى رَبِّهِ وَمَوْلَاهُ: بَأَنْ يَحْفَظَ عَلَيْهِ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَقَلْبَهُ عَنِ الْحَرَامِ؛ فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ قَالُوا: مَهْ مَهْ، فَقَالَ: ادْنُهْ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا، قَالَ فَجَلَسَ. قَالَ: أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟؛ قَالَ: لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ. قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ. قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ. قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ. قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ. قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ» فَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وهو حديثٌ صحيحٌ.
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ إِخْلَاَصُ الْعِبَادَةِ لِلرَّبِّ جَلَّ وَعَلَا، وَبِذَلِكَ حَفِظَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامَ؛ ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ [يوسف:24].
وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ دَوَامُ الْمُرَاقَبَةِ وَاسْتِشْعَارُ الْمُشَاهَدَةِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ [غافر:19].
وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ أَنْ يُجَاهِدَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ حَتَّى يُدْرِكَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ وَلَذَّتَهُ، وَالَّتِي هِيَ أَطْيَبُ وَأَحْلَى مِمَّا تَرَكَهُ لِلَّهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت:69].
وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَيَظْفَرْ بِرِضَا سَيِّدِهِ وَمَوْلَاهُ.
وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ أَنْ يَبْتَعِدَ الْمَرْءُ عَنْ أَمَاكِنِ الْفِتْنَةِ وَمَوَاطِنِ الشُّبْهَةِ، لَا سِيَّمَا مَعَ هَذِهِ التَّطْبِيقَاتِ الَّتِي طَارَتْ مَعَهَا أَلْبَابُ الرِّجَالِ وَتَضَاءَلَتْ مِنْ وَهَجِهَا حِشْمَةُ النِّسَاءِ، فَلَا بُدَّ عَلَى الْعَاقِلِ الْحَصِيفِ أَنْ يَكُونَ حَازِمًا مَعَ نَفْسِهِ حَتَّى لَا تَرِدَ مَوَاطِنَ الْهَلَاكِ؛ فَالْقُلُوبُ ضَعِيفَةٌ وَالْفِتَنُ خَطَّافَةٌ.
عبادَ اللهِ : صلُّوا وسلِّموا على خيرِ خلقِ اللهِ؛ محمَّدٍ بنِ عبدِالله، اللهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمَّدٍ، وارضَ اللهم عن خُلفائِه الأربعةِ أبي بكرٍ وعُمرَ وعُثمانَ وعليٍّ، وعن آلِه الطيبين الطاهرين، وعن سائرِ صحابةِ نبيِّك أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوِك وجُودِك وكرمِك يا أرحمَ الراحمين.
اللهُمَّ أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، اللهُمَّ انصُرْ دينَكَ وكتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّك وعبادَكَ المؤمنين.
اللهُمَّ احفظْ فلسطينَ وأهلَها من كلِّ سوءٍ ، اللهُمَّ نَجِّ المستضعفين من المؤمنين ، اللهُمَّ عليك باليهودِ فإنهم لا يعجِزونك ، اللهُمَّ عليك بهم ، اللهُمَّ عليك بهم . اللهُمَّ احفظ السودانَ ، اللهم جَنِّبْ أهلَ السودانِ الفتنَ والحروبَ ، اللهُمَّ أعدْ لهم الأمنَ والسلامَ يا ربَّ العالمينَ .
اللهُمَّ آمنَّا في أوطانِنا وأصلحْ أئمَّتَنا وولاةَ أمورِنا، اللهُمَّ وفِّقْ وليَّ أمرِنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، وخذْ بناصيتِه للبرِّ والتقوى، اللهُمَّ وفِّقْه ووليَّ العهدِ لما فيه صلاحُ البلادِ والعبادِ. اللهُمَّ إنا نعوذُ بك من زوالِ نعمتِك وتحوُّلِ عافيتِك وفُجاءةِ نقمتِك وجَميعِ سَخطِك، اللهُمَّ اغفِرْ ذنوبَنا واستُر عيوبَنا ويسِّر أمورَنا، وبلِّغنا فيما يُرضِيك آمالَنا .
اللهُمَّ اجعلْ خيرَ أعمالِنا خواتِمَها، اللهُمَّ اختمْ بالصالحاتِ أعمالَنا ، اللهُمَّ تقبَّلْ منا ، اللهُمَّ تقبَّل منا ، اللهُمَّ تقبَّل منَّا. سبحانَ ربِّك ربِّ العزَّةِ عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .
انتقاء وتنسيق مجموعة خطب منبرية
قناة التيلغرام :
t.me/kutab
وصلنا ولله الحمد إلى 20 مجموعة واتس ، وهذا رابط المجموعة رقم 17
https://chat.whatsapp.com/KCqcekH8djM3UBWAdPTdwE
جزى الله خيرا كاتب الخطبة .